الثورة الشعبية في مصر تتلقى ضربة مموهة من أنصار مبارك
الرئيس المصري يدير من غرفة العمليات ضرب الثورة الشعبية
هل نزلت عناصر من الشرطة بلباس مدني مع الأمن السري واحتلت ميدان التحرير؟
جرت أمس في مصر أحداث خطيرة بحجم الثورة الشعبية التي قامت ضد مبارك، ذلك أن حوالى 750 ألف مواطن تحركوا في أرجاء مصر ضد الثورة الشعبية، ولكن 50 ألفاً على الأقل تحركوا من القاهرة مسلحين بقنابل مولوتوف وعصي وكان يركب بعضهم الخيول وبعضهم الجمال، وهاجموا شبان وشابات الثورة الشعبية في ميدان التحرير الذي كان طوال الأيام الماضية مقر الثورة الشعبية لاسقاط حسني مبارك.
وأمام أعين الجيش المصري الذي وقف على الحياد هاجم المؤيدون لمبارك وهم اعضاء في الحزب الحاكم، إضافة الى عناصر من الشرطة باللباس المدني وعناصر من الأمن السري بلباس مدني أيضاً هاجموا المتظاهرين وقمعوهم بالضرب بالسكاكين ورمي قنابل المولوتوف واستعمال العصي ضدهم فرد المتظاهرون برشقهم بالحجارة، وحصلت مواجهات دامت 5 ساعات. وذكرت الانباء ان الرئيس مبارك كان في غرفة العمليات العسكرية يتابع ما يجري على الارض تفصيلياً، واستمرت المواجهات بين أنصار مبارك من أعضاء الحزب الحاكم والشرطة المصرية والامن السري باللباس المدني الى ان استطاع أنصار مبارك احتلال ميدان التحرير وقالت الانباء ان المتظاهرين بقوا في قسم من الميدان فيما القسم الآخر احتله انصار مبارك حيث جرت اشتباكات عنيفة خلال الليل بين أنصار الطرفين وقد وصل عدد الجرحى الى أكثر من ألفي مواطن واحترقت مبان وتحديداً على مدخل المتحف المصري بالاضافة الى عدة أبنية نتيجة استخدام مؤيدي مبارك قنابل المولوتوف، كما جرت اشتباكات في ساحة الشهيد عبد المنعم رياض الذي بقيت في عهدة المتظاهرين فيما جسر 6 اكتوبر سيطر عليه انصار مبارك.
لكن الطرقات كانت شبه مقطوعة وعم الخوف في القاهرة ووجهت قيادات معارضة الى الجيش المصري نداءات لحماية المواطنين الذين واجهوا انصار مبارك بالحجارة فأدى ذلك الى سقوط اكثر من 7 قتلى وألفي جريح حيث وقع القسم الأكبر في صفوف المتظاهرين فحضر اطباء مصريون متطوعون وأقاموا مستشفيات ميدانية في محيط ميدان التحرير وعالجوا المواطنين، وبعد اتصالات جرت بين اللواء سليمان وقادة المعارضة تم السماح لسيارات الاسعاف بنقل المصابين الى المستشفيات وتم توجيه نداءات للتبرع بالدم، وقد رد المتظاهرون في مدينة الاسكندرية بمظاهرة مليونية دعت لاسقاط مبارك ولم يتم مواجهتها من قبل أنصار الرئيس، اما مدينة السويس فتجمع اعضاء من الحزب الحاكم ومن الشرطة والامن السري وسيطروا على شارع الاربعين فيما لم تحصل اشتباكات في السويس بين المتظاهرين وانصار مبارك واقتصرت المواجهة الكبرى على القاهرة.
في هذا الوقت وافقت احزاب المعارضة على اجراء حوار مع نائب رئيس الجمهورية اللواء عمر سليمان، لكن سليمان اشترط للموافقة على الحوار انسحاب المتظاهرين من الشوارع.
هذا مع العلم، ان المرشد السابق للاخوان المسلمين، أكد انه لا يوافق على التفاوض قبل تنحي الرئيس حسني مبارك مع العلم ان ممثل الاخوان في اجتماع المعارضة وافق على التفاوض مع السلطة، واظهر اعلام العربية والجزيرة والنيل انقساماً في الرأي بين المصريين وفي صفوف الشعب من الاكثرية الساحقة التي تريد تنحي مبارك، إلا أن اصواتاً أخرى علت تقول أنه طالما مبارك أكد على عدم ترشيحه للرئاسة مرة ثانية في ايلول وعدم قدرته على توريث نجله جمال، فالافضل القبول بما طرحه مبارك حتى السير بالطعون في شأن الانتخابات النيابية وتعديل المادتين 76 و77 حيث يستطيع اي كان الترشح لرئاسة الجمهورية في ايلول القادم والموافقة على البحث في إلغاء قانون الطوارئ واجراء انتخابات نيابية لمجلسي الشعب والشورى في وقت لاحق بعد انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية.
الأكثرية الساحقة أصرت على تنحي مبارك، لكن الاصوات المقابلة زادت عن نسبتها عن السابق وقالت يجب ان لا يضيع جهد الشعب وطالما أن الحل سيأتي خلال أشهر فلماذا التسرع وعدم الانتظار واغراق مصر في الدمار.
والذي ادى الى تأخير تنحي مبارك، هو كون المعارضة غير متفقة على بديل فالعالم النووي الدكتور محمد البرادعي غير مقبول من اطراف المعارضة وقد اتهمته بعض المعارضة بأنه موال للاميركيين، اما على مستوى حزب الوفد وحزب الاخوان فهما غير متفقين على بديل خلفا لمبارك فالمؤسسة العسكرية اعطت إنذارا بأنها لن تقبل بتنحي مبارك ودخول مصر في فراغ، بل انها ستضطر الى ان يقوم الجيش بعمل عسكري والسيطرة على البلاد وتسلم زمام الأمور وإعلان قائده رئيسا للبلاد مع اعلان حالة الطوارئ إذا تنحى مبارك وسافر الى الخارج وسادت الفوضى في البلاد.
ردود الفعل العالمية جاءت تدين العنف ضد المتظاهرين من واشنطن الى باريس الى برلين ولندن وكل الدول الاوروبية، فيما روسبا لم تعلق شيئاً ولم تبد رأيها في الاحداث اما الصين فكان موقفها مماثلاً.
وقد علمت «الديار» أن الرئيس مبارك ترأس اجتماعاً لقادة الجيش المصري وزار قاعدة جوية رئيسية في البلاد حيث اجتمع الى الطيارين، وقد تلقى دعماً باجتماعه مع القيادة العسكرية بالبقاء حتى ايلول وانه اذا سارت تظاهرة مليونية بعد صلاة الظهر باتجاه القصر الجمهوري فإن الجيش المصري سيحمي الرئيس مبارك وسيمنع بالقوة الوصول الى القصر ولن يسمح لهم بإسقاط الرئيس مبارك بالقوة، وفي ذات الوقت كان رأي قادة الجيش المصري عدم استعمال القوة ضد الشعب المصري وعدم خلق حالة عداء بين الجيش الذي له احترام كبير بين المتظاهرين الداعمين لاسقاط مبارك، وقد انتهى اجتماع مبارك مع قادة القوات العسكرية بأن يحمي الجيش الرئيس مبارك حتى أيلول القادم عند انتهاء ولايته على ان ينفذ مبارك ما وعد القيام به من اصلاحات تؤدي الى تنفيس احتقان الشعب المصري المحتج على مبارك والمطالب بتنحيته.
كيف ظهرت الأحداث في القاهرة؟
كان المتظاهرون طوال النهار يسيطرون على شوارع القاهرة وكانت وجبات الاكل توزع، وبدأت لجان الاهل تنظم العمل في غياب الشرطة وقوى الامن، وفي ظل قرار الجيش عدم التدخل بشيء، وعند الساعة الثانية ظهراً بدأت تحركات مريبة، إذ انطلق متظاهرون من ساحة الشهيد عبد المنعم رياض ومن طرقات تؤدي الى ميدان التحرير ومنهم من يمتطي خيولاً وجمالاً والآخرون سيراً على الاقدام وبعضهم يحمل سكاكين وعصي حديدية وخشبية وهاجموا العزل من المتظاهرين في ميدان التحرير ودارت معركة شرسة استمرت من ساعة الى ثلاث ساعات ولم يستطع خلالها مؤيدو مبارك من الدخول الى ميدان التحرير وفي هذا الوقت وجهت المعارضة التهمة الى مبارك باستعمال جهاز الشرطة السري بثياب مدنية مع اعضاء في الحزب الحاكم لمواجهة المتظاهرين وصادر المتظاهرون بطاقات شرطة من المهاجمين، الا ان وزارة الداخلية نفت الأمر وقالت انها بطاقات مزورة، لكن منذ الصباح كان اعضاء الوزارة الجديدة يجمعون العاملين في وزاراتهم ويطلبون منهم النزول الى الشارع بعدما قبضوا رواتب هذا الشهر في حين تم منع الرواتب عن موظفي القطاع الخاص، وبالفعل نزل موظفو الوزارات على انهم انصار في الحزب الحاكم ومع الشرطة بثياب مدنية، وبعد ثلاث ساعات من القتال حول ميدان التحرير بالعصي والسكاكين وبعد سقوط اكثر من الفي جريح، قام انصار مبارك بالدخول الى ميدان التحرير وجرت المعارك بالسلاح الابيض، لكن المتظاهرين حافظوا على وجودهم في قسم من ميدان التحرير واستمرت المواجهات وجرت خلال ليل امس اشتباكات عنيفة ورمى انصار مبارك قنابل المولوتوف، لكن الجيش بقي على الحياد وكان الامر مريباً ذلك أن الرئيس مبارك كحاكم عسكري هو من اعطى الاوامر للجيش بعدم التدخل فيما اطلق العناصر المؤيدة له للهجوم على المتظاهرين، وقد استمرت الاشتباكات وعملية الفوضى حتى منتصف ليل أمس.
سياسياً
اعلن ائتلاف من أحزاب وقوى مصرية معارضة، امس، أنهم قرروا الاستجابة لدعوة الحوار التي أطلقها نائب الرئيس المصري عمر سليمان، بعدما وضعوا عدة شروط.
وقال بيان للإئتلاف الوطني للتغيير إن «متغيرا جديدا» طرأ على موقفنا من الحوار مع مؤسسات الحكم، بعد أن أعلن وتعهد الرئيس مبارك بأنه لن يتقدم للترشيح لرئاسة الجمهورية، كما إستجاب جزئيا لبعض مطالب الجماهير.
وأضاف البيان :لذلك قرر المجتمعون الدخول في الحوار والإستجابة للدعوة التي وجهها السيد عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية، بعد أن فاضلنا بين أن نبدأ الحوار من الفراغ الدستوري أو أن نتمسك بتلابيبب الدستور الحالي حفاظا على سلامة وإستقرار الوطن والمواطنين.
غير أن البيان الذي وقعه حزب الوفد وحزب التجمع والحزب العربي الناصري وعدد من الشخصيات العامة، قال :إن قبولنا مبدأ التفاوض والحوار، لا ندعي فيه تمثيلا لأحد غير من نمثله ولا نملك توجيه أحد بالقبول أو الرفض إلا أنفسنا، وفي ذات الوقت فإن يدنا ممدودة للجميع للمشاركة في هذا الجهد. وحذر البيان من أي محاولة للمساس بأمن وسلام المتظاهرين في ميدان التحرير أو غيره من المواقع، كما نحذر من محاولات الوقيعة بين طوائف الشعب وهيئاته، وأن يحترم كل طرف رأي وعقيدة الطرف الأخر وحريته في التعيير عنها وتحمل السلطات المعنية المسؤولية كاملة عن أي تخريب أو إشتباكات بين أطراف الشعب تراق فيها دماء.
وجدد البيان التمسك الكامل بمطالب الإصلاح التي رفعها الشارع المصري بقيادة شباب الوطن النقي الطاهر منذ 25 كانون الثاني كاملة كأساس للحوار، وهي إستقالة الرئيس، وحكومة وطنية، وجمعية تأسيسية لوضع دستور جديد، وحل المجالس النيابية. وطالب الائتلاف بإجراء تعديل دستوري للمواد 76 و77 و88 و93، مع إضافة مادة جديدة تسمح للرئيس بالدعوة لإنتخاب جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد، مع الفصل الكامل خلال الفترة الإنتقالية بين رئاسة الدولة والحزب الوطني.
كما طالبوا بحل مجلسي الشعب والشورى عقب إنتهاء دورهما في التعديل الدستوري والتشريعي، والبدء فورا ودون إبطاء في التحقيق في ملفات الفساد، وكذا مع من عرض السلم والأمن والمواطنين للتخريب والترويع والقصاص من قتلة أبرياء وشهداء الإنتفاضة.
ارتباك في المطارات
الى ذلك، انتظم الاف الاجانب في صفوف طويلة في حالة من الارتباك بمطار القاهرة يوم الاربعاء لمغادرة مصر فيما اشتبك مؤيدو الرئيس المصري حسني مبارك ومعارضوه في شوارع العاصمة المصرية.
وقال مارك بريفا كبير المسؤولين التنفيذيين بشركة اير بارتنر التي تنظم رحلات جوية عارضة للشركات والحكومات والافراد المطار في حالة هرج ومرج. جميع شركات الطيران تناضل كي تحصل على اذون بالاقلاع والهبوط.
واعلنت الصين واليابان وكندا وبريطانيا وتركيا عن تنظيم رحلات جوية اضافية لاجلاء رعايا هذه الدول خلال اليومين الماضيين.
وقالت وكالة انباء الصين الجديدة (شينخوا) ان من المتوقع ان يعود جميع الركاب الصينيين العالقين في مصر الى الصين اليوم ليحضروا احتفالات بداية العام الصيني الجديد.
وقالت وزارة الخارجية الصينية ان الصين ارسلت ما مجموعه ثماني رحلات جوية خاصة الى مطارت القاهرة والاقصر والغردقة فيما عادت الى الصين بالفعل ست طائرات تقل 1371 راكبا بمن في ذلك ركاب من هونج كونج.
وقالت الحكومة السلوفاكية انها ارسلت طائرة لاعادة الرعايا السلوفاكيين بعد ان عبر 50 من 100 سلوفاكي في مصر عن رغبتهم في مغادرة البلاد.
واعلنت الحكومة البريطانية ان على رعاياها الراغبين في الاستفادة من الرحلات التجارية المتجهة الى لندن دفع 300 جنيه استرليني للمقعد الواحد 486 دولارا.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية ان هذه الاسعار تضاهي مثيلاتها التي طبقتها الولايات المتحدة وكندا ودول اخرى.
وادت ساعات حظر التجول الساري في القاهرة حاليا الى ارباك مواعيد الرحلات الجوية اذ اضطرت شركة طيران لوفتهانزا الالمانية الى تقديم مواعيد رحلاتها مع الاستعانة بطائرات الجامبو العملاقة لمواجهة زيادة اعداد الركاب.
وفيما الغت شركات السياحة والسفر الالمانية يوم الثلاثاء جميع الرحلات الترفيهية اعلنت شركة اير برلين انها ستنظم رحلات الى خارج البلاد اليوم حتى ولو كانت مقاعدها شاغرة ولذلك بغرض اعادة الركاب الراغبين في العودة الى بلادهم.
وقالت شركات السياحة ان المنتجعات السياحية على البحر الاحمر لا زالت تتمتع بالهدوء ولا تعاني الفنادق من نقص في الامدادات.
وقالت الوحدات العاملة في المانيا لشركات تي.يو.اي وتوماس كوك وشركة السياحة الالمانية رويو انها ستلغي جميع رحلاتها الى مصر حتى يوم 14 شباط.
وقالت شركتا تومسون وفرست تشويس التابعتين لشركة تي.يو.اي في بريطانيا انهما قررتا استعادة 950 من زبائنهما في الاقصر.
وتمثل السياحة أحد المصادر الرئيسية للدخل بالعملة الاجنبية في مصر بواقع اكثر من 11 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي كما توفر فرص عمل في البلاد التي تعاني من ارتفاع معدل البطالة. في عام 2009 زار نحو 12.5 مليون سائح مصر ليدر هذا القطاع عائدات بلغت 10.8 مليار دولار. (وكالات)
